بغداد – عبد الحسين غزال
القاهرة- مصطفى عمارة
اختتمت في بغداد الأحد قمّة ثلاثية استغرقت بضع ساعات حضرها، الرئيس المصري والملك الأردني،و ركّزت مناقشاتها على التعاون الاقتصادي والأمني والتجاري بين الدول الثلاث وفي ملفات إقليمية، فيما يسعى العراق مؤخراً إلى أداء دور الوسيط على مستوى الشرق الأوسط. لاسيما بين ايران والسعودية واعلن العراق والأردن، دعمهما لموقفي مصر والسودان في قضية «سد النهضة»، مؤكدَين ضرورة الامتناع عن أي إجراءات أحادية الجانب بما يشمل الملء دون اتفاق قانوني ملزم.
وقال البيان الختامي لقمة بغداد، التي ضمت العراق والأردن ومصر، إن العراق والأردن أكدا «ضرورة الامتناع عن القيام بأي إجراءات أحادية، بما في ذلك الاستمرار في ملء سد النهضة من دون التوصل لاتفاق عادل وشامل وملزم قانونا حول قواعد ملء وتشغيل السد، وبما يحقق مصالح الدول الثلاث ويحفظ الحقوق المائية لمصر والسودان». في أوضح رسالة الى اثيوبيا للتراجع عن مواقفها المتعنتة.
من جهة أخرى، أشاد الأردن ومصر بالجهود الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة العراقية لتدعيم الأمن والاستقرار الإقليمي، ومحاولاتها في تقريب وجهات النظر لحل الخلافات وإنهاء الأزمات التي تعاني منها المنطقة، كما دعم قادة الأردن ومصر استعدادات الحكومة العراقية في التهيئة للانتخابات العراقية المقبلة خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وإنجاز جميع مراحلها ومتطلباتها، بما يساهم في إنجاح سير العملية الانتخابية، وضمان شفافيتها في أجواء التنافس العادل لإختيار ممثلي الشعب. كما أعرب العراق ومصر عن تقديرهما لجهود الأردن الحثيثة والمتواصلة لوقف الإنتهاكات والإعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس وباقي الأراضي الفلسطينية، بما فيها جهود الأردن في وقف الإعتداءات الإسرائيلية الأخيرة ووقف إطلاق النار وإستعادة التهدئة.
وقال مصدر دبلوماسي رفيع المستوى في تصريحات خاصة لمراسل الزمان في القاهرة أن هناك أربع ملفات رئيسية جرى بحثها في بغداد ، ويأتي موضوع الأمن المائي العربي على رأس جدول المباحثات خاصة في ظل محاولات دول بالمنطقة كأثيوبيا التأثير على الأمن المائي العربي وضرورة تكاتف الدول الثلاث للتصدي لتلك المؤامرة فضلا عن التنسيق بين الدول الثلاث لمواجهة التدخل الخارجي في شؤون المنطقة خاصة تركيا التي تحاول تهديد الأمن القومي المصري من خلال تواجدها في ليبيا ودعمها ومكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات بين الدول الثلاث في هذا المجال ، وأكد المصدر أن الملف الفلسطيني احتل جانبا مهما من تلك المباحثات في ظل المحاولات لتحقيق المصالحة ولمّ الشمل الفلسطيني وإعمار غزة والتهديدات الإسرائيلية للأماكن المقدسة والتي تهدد بعودة أعمال العنف مرة أخرى فضلا عن تفعيل التبادل الإقتصادي وعودة الشركات المصرية لإعمار العراق . وفي كلمة افتتاحية للقمة التي جمعت بين الكاظمي و الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وملك الأردن عبدالله الثاني، قال رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إن الدول الثلاث ستواصل «التنسيق في الملفات الإقليمية الرئيسية كالملف السوري والليبي واليمني وفلسطين وبلورة تصور مشترك تجاه هذه القضايا بالتعاون والتنسيق».
وقبل بدء أعمال القمة، أجرى كل من عبد الفتاح السيسي وعبدالله الثاني لقاءات ثنائية مع رئيس الوزراء العراقي والرئيس العراقي برهم صالح.
وبحسب بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي، تناولت المباحثات مع الملك عبدالله الثاني «سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون المشترك» لا سيما «في مجال مكافحة الإرهاب ونبذ التطرف وتبني كل ما من شأنه تعزيز الاستقرار في المنطقة».
وناقش الكاظمي مع السيسي «العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون المشترك في عدد من المجالات، فضلا عن مناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك».
من جهته، وإثر استقباله نظيره المصري وملك الأردن، كتب الرئيس العراقي برهم صالح في تغريدة «استقبلنا الاخوة، فخامة الرئيس السيسي وجلالة الملك عبدالله. علاقاتنا الراسخة في التاريخ مُنطلق لمستقبل واعد لشعوبنا وشبابنا؛ رسالة بليغة وسط تحديات إقليمية جسيمة. تعافي العراق يُمهد لمنظومة متكاملة لمنطقتنا أساسها مكافحة التطرف واحترام السيادة والشراكة الاقتصادية».
تعقد هذه القمة أخيراً بعدما أرجئت مرتين، الأولى عندما وقع حادث تصادم القطارين الدامي في مصر في آذار/مارس والثانية اثر قضية «زعزعة الاستقرار» في الأردن في نيسان/ابريل.
وهي ثالث قمة بين هذه الدول الثلاث بعد القمة الأخيرة التي عقدت في عمان في آب/أغسطس 2020، فيما أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري أن مصر تتطلع لاستضافة القمة الرابعة بين بغداد والقاهرة وعمان خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيريه الأردني والعراقي في بغداد.
وزار الملك عبدالله الثاني العراق مطلع العام 2019 للمرة الأولى منذ عشر سنوات، فيما بات السيسي أول رئيس مصري يزور العراق منذ غزو نظام صدام حسين السابق للكويت في العام 1990 وقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكن العلاقات بين البلدين تحسنت بشكل كبير خلال السنوات الماضية.
وتسعى بغداد إلى تحقيق تقارب بين حلفاء الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط، أي السعودية والأردن ومصر، وتدعم أيضاً عودة سوريا إلى الجامعة العربية. والتقى وفدان إيراني وسعودي في نيسان/ابريل في بغداد التي تسعى إلى أن تتحول إلى وسيط إقليمي قوي لتفادي أن يصبح العراق ساحة صراع بين القوى الإقليمية.
وقال المحلل السياسي إحسان الشمري لوكالة الصحافة الفرنسية إن العراق يسعى من القمة الثلاثية إلى «تثبيت سياسته الخارجية في ما يرتبط بالمحيط والمنظومة العربية وتعويض ما يمكن أن يكون ورقة ابتزاز من قبل دول إقليمية وبالتحديد إيران».
واعتبر أن هذه القمة أيضاً «رسالة إلى الولايات المتحدة أن العراق لن يكون أحادي العلاقة مع إيران على حساب الدول الأخرى»، فيما يتوقّع أن يجري رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي زيارةً للولايات المتحدة لم يحدد موعدها بعد، كما أعلن المتحدث باسمه قبل أيام.
وقطعت الرياض وطهران علاقاتهما الدبلوماسية قبل خمس سنوات ما زاد من حدة التوتر في المنطقة.
ومن شأن أي تهدئة بين طهران والرياض أن تعود بالفائدة على العراق الذي لا يزال يشهد هجمات بالصواريخ أو بعبوات ناسفة تنفذها بوتيرة أسبوعية فصائل تعد ورقة بيد إيران تستخدمها في كل مفاوضات مع بغداد، بحسب مسؤولين عراقيين.